الهند... صعود عالمي، ونفوذ «حتمي» في الخليج
أعلن الرئيس الأميركي باراك أوباما أمس في البرلمان الهندي دعمه لحصول الهند على مقعد دائم في مجلس الأمن الدولي التابع للأمم المتحدة في السنوات المقبلة ضمن خطط الإصلاح المقترحة لتطوير المجلس لكي يمثل واقع القوى العالمي اليوم، بدلاً من الوضع الحالي الذي يعكس بشكل أساسي واقع القوى بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية في 1945.
أوباما تحدث أمس عن تصور جديد للعلاقات الاقتصادية والأمنية والسياسية بين الولايات المتحدة والهند، على أساس الوقوف «كتفاً إلى كتف» مع «أكبر ديمقراطية في العالم»، وعلى أساس أن الهند ليست من الدول الصاعدة، وإنما هي دولة صعدت، وقد أصبحت في موقع «شريك» لأميركا في لعب دور قيادي على مستوى العالم... وقال إن الهند صعدت «بسبب الديمقراطية لديها».
هذه الإشارات هي الأقوى بالنسبة إلى إمكانية حصول الهند على مقعد دائم (من دون حق «الفيتو» على الأرجح)، ولعلَّ المتأثرين بصورة مباشرة من هذا الإعلان هما باكستان ودول مجلس التعاون الخليجي؛ وذلك لأن الهنود يشكلون ما بين ربع إلى ثلث السكان في عدد من دول الخليج، وهم يمثلون أكثرية في بعض المدن والمناطق الخليجية، ويمثلون أكثرية القوى العاملة، وتكونت لدينا طبقة هندية ثرية جداً تعتبر نفسها جزءاً لا يتجزأ من الخليج.
ويوم أمس ردّت باكستان على ما قاله أوباما، وقالت وزارة الخارجية الباكستانية إنها تُهوِّن من احتمال مثل هذا التطور، وإنه على الرغم من طموحات الهند للحصول على اعتراف عالمي باعتبارها قوة عالمية إلا «أن هناك أسباباً كافية للتشكيك» في إمكانية وصولها إلى مقعد دائم في مجلس الأمن الدولي، بسبب «سلوك الهند في علاقاتها مع جيرانها... وانتهاكاتها الصارخة لقرارات مجلس الأمن بشأن جامو وكشمير»، بحسب ما تقوله باكستان. وهذا الرد الباكستاني كان متوقعاً؛ لأن الباكستانيين يقولون إن أميركا تستخدم العصا معهم، بينما تستخدم الجزرة مع الهند، وإن خلافهم مع الهند مازال قائماً.
المؤسسات المالية في الخليج تربط الاستقرار السياسي (أثناء قياس المخاطر) في عدة مناطق خليجية بطبيعة العلاقات بين الهند وباكستان (ضمن مقاييس أخرى في هذا المجال)؛ لأن أي توترات قد تؤثر بصورة مباشرة على المجتمعات الخليجية التي أصبح الهنود والباكستانيون جزءاً مهمّاً منها.
مهما يكن، فإن أميركا - ابتداءً من يوم أمس - تعتبر الهند «لاعباً رئيسياً» على الساحة الدولية، وإن أوباما ينظر باهتمام للدور الهندي على المستوى الدولي... وأشار إلى أن الهند وهي تحصل على هذا الموقع القوي، فإن عليها مسئوليات كبيرة «نحو الآخرين»، داعياً القادة الهنود إلى مساندة الديمقراطية وممارسة الحكم الرشيد (الصالح)، إلخ. وهذا الضخ القوي من التصريحات من شأنه تقوية عزيمة الهند، التي وبصفتها دولة اكتمل نموها وحققت صعودها العالمي، سيكون لها صوت ونفوذ «حتمي» في منطقة الخليج الغنية بالنفط والغاز والمعتمدة بشكل كبير على قوى العمل الهندية.
منصور الجمري
صحيفة الوسط البحرينية - العدد 2986 - الثلثاء 09 نوفمبر 2010م الموافق 03 ذي الحجة 1431هـ