الوفاق للحوار... عيني على وطني
في بلد أحوج ما يكون لبدء مرحلة تاريخية جديدة بمعناها الحقيقي في ظلّ وجود وتواجد شعبي، يطل علينا الحوار الوطني في البحرين بمرئياته المختلفة للشارع البحريني وفقاً لتطلعات متعددة بأفق سياسي متأرجح ما بين السكون والتحديث، وما بين الرضوخ للواقع والتطلع نحو نافذة التغيير الديمقراطي تحت ظلال الربيع العربي.
في ظلّ هذا الزخم السياسي والحراك البحريني الجديد، تبرز جمعية الوفاق الوطني الإسلامية كمحرك سياسي فاعل في الساحة البحرينية، وهي نبض الموج المتفاعل، وهي شريك حقيقي للعمل السياسي وفقاً لما أشار إليه وزير الخارجية البحريني - عشية إصدار وزارة العدل قراراً لمقاضاة الوفاق تمهيداً لحلها - «الوفاق شريك رئيسي للمستقبل». الوفاق نفسها ظلت متأرجحة بين الدخول في الحوار والذي سمي «حوار التوافق الوطني» أو مقاطعة جلساته، نراها اليوم توافق على الدخول فيه ضمن اشتراطات تراها ثوابت ومطالب وطنية متمثلة في حكومة منتخبة تمثل إرادة الناس، نظام انتخابي عادل، دوائر عادلة، مجلس منتخب يتمتع بكامل الصلاحية، دولة مدنية ديمقراطية تستوعب جميع أطياف الشعب، قضاء عادل مستقل، وأن يكون الأمن للجميع.
الوفاق التي ارتأت المشاركة في الحوار يتهمها البعض بأنها ترجلت الثورة لركوب قطار الحوار، لكنها في المقابل تعلن أن ما دخلت إلا في سبيل تثبيت خطى المملكة الدستورية الحقيقية، لذا شاركت وفقاً لما أشار إليه نائب كتلتها المستقيل خليل مرزوق «قررنا تخطي الصعاب من أجل البحرين ومن أجل شعب البحرين سنذهب غداً من أجل استقرار البحرين ولكننا لن نعلن استسلامنا». وهي جادةٌ وصادقةٌ في إنجاح الحوار والوصول إلى توافق وطني يغني الجميع من الوقوع في مأزق سياسي جديد لن تخرج منه البحرين سالمة، بل يتحوّل الوضع إلى أن يتعارك الجميع بعنوان: ماذا بقى لنا لكي نخاف عليه؟
لم يكن للمعارضة البحرينية التي آمنت وتحركت وفقاً للنضال السلمي، أن تدير ظهرها لأية بادرة مهما كانت التحفظات عليها، وفي الوقت ذاته هي ليست معنية بالسير حتى النهاية إذ رأت أن الأمر كاد أن يحرجها أو يخرجها من مسئوليتها الوطنية والتاريخية، والتي تراهن بها في بقائها واستمرارها من أجل الوطن. لذا على السلطة أن تبادر بشكل جدي في إكساب المعارضة دوراً حقيقياً يتلاءم مع وضعها وحراكها السياسي، ومساهمتها الفاعلة في دفع عجلة التطور السياسي وبناء المواطن وتنميته، بأن تحاور معها على أساس أنها طرف شريك ومسئول، فالمعارضة في البحرين ذات تاريخ طويل، هي عزيزة في هذا الوطن، شريكة في بنائه، وهي جزء من تاريخه وتكوينه، ما يضرها يضره، وما يجرحه يؤلمها، فلم تكن ولن تكون أبداً معول هدم للوطن، وهي ليست كما يدّعى الإعلام الذي نقول له أليس فيكم رجل رشيد؟
الوفاق بدخولها الحوار عليها أن توازن في حراكها داخل هذه الساحة بين ثلاث زوايا... الأولى مع من اختلف معها بل جابها العداء في الوطن أنها لم تدخل لكي تخرب وتشاغب، ومن زاوية ثانية للعالم الخارجي الذي تخاطبه بمنظماته بأنها دخلت لأنها ليست ممانعة ولا ترفض الحوار، أما الضلع الثالث وهو تيارها الواسع بأنها تدافع من أجله، ولم ولن تنساه يوماً، وفوق ذلك كله تقول للجميع إن ما يحدوها من الولوج أو المقاطعة لأي معترك سياسي أو اقتصادي أو اجتماعي أو حقوقي هو «عيني على وطني»
رملة عبد الحميد
صحيفة الوسط البحرينية - العدد 3226 - الجمعة 08 يوليو 2011م الموافق 06 شعبان 1432هـ